بسم الله، وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ومن الشبهات التي يثيرها بعض الجهلة هذه الشبهة:
الشيعة يقولون انه ارتد الصحابة كلهم بعد النبي الا ثلاثة، ويروون بذلك أحاديث منها:
عن أبي جعفر عليه السلام قال: (كان الناس أهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة، فقلت: من الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبوذر الغفاري وسلمان الفارسي)/ الروضة من الكافي 8 /245-246
ثم يقولون: فهل من المعقول ان يفشل النبي في تربية اصحابه تربية صحيحة وهل من المعقول فشل الرسالة المحمدية وهي آخر الرسالات فلا يؤمن بها الا ثلاث .... الى نهاية تخرصاتهم.
وفي مقام الرد على هذه الشبهة نقول وبالله التوفيق:
أولا: الرد على الحديث
ان هذا الحديث -وبغض الطرف عن سنده الذي فيه تأمل- يتحدث عن الردة لا بالمعنى الاصطلاحي المتعارف بين الناس، وهو الردة عن الإسلام، بل للردة هنا معنى آخر سيتضح من خلال الاحاديث الآتية:
عن الباقر محمد بن علي عليهما السلام «كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه واله ، إلا ثلاثة ، فقلت : ومن الثلاثة ؟ فقال : المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم ثم عرف الناس بعد يسير »/ الكافي: 8 /245
فالمقصود من الردة -كما هو واضح- الردة عن الايمان وليس عن الاسلام.
ويشهد لذلك أيضا قوله عليه السلام ـ في حديث آخر ـ ارتد الناس إلا ثلاثة نفر ، سلمان وأبو ذر والمقداد ، قال: قلت: فعمار ؟ قال : جاض جيضة، ثم رجع ، ثم قال عليه السلام : إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد ، فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض أن عند أمير المؤمنين اسم الله الاعظم لو تكلم به لاخذتهم الارض وهو هكذا فلبب ووجئت عنقه حتى تركت كالسلقة، فمر به أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : يا أبا عبدالله هذا من ذاك فبايع، فبايع، واما ابو ذر فأمره أمير المؤمنين عليه السلام بالسكوت ولم يكن يأخذه في الله لومة لائم فابى إلا أن يتكلم فمر به عثمان فأمر به ، ثم أناب الناس بعد فكان أول من أناب أبو ساسان الانصاري وأبو عمرة وشتيرة ، وكانوا سبعة فلم يكن يعرف حق أمير المؤمنين عليه السلام إلا هؤلاء السبعة / رجال الكشي:11، البحار: 22 /440
وعن أبي جعفر عليه السلام قال : كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله سنة إلا ثلاثة فقلت: ومن الثلاثة ؟ فقال : المقداد بن الاسود وأبوذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، ثم عرف الناس بعد يسير ، وقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى وأبوا أن يبايعوا حتى جاؤا بأمير المؤمنين عليه السلام مكرها فبايع ، وذلك قول الله عزوجل : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم" الآية./ البحار: 22/ 351
وعن أبي جعفر عليه السلام عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : ضاقت الارض بسبعة بهم يرزقون ، وبهم ينصرون ، وبهم يمطرون منهم سلمان الفارسي والمقداد وأبوذر وعمار وحذيفة رحمة الله عليهم ، وكان علي عليه السلام يقول: وأنا إمامهم ، وهم الذين صلوا على فاطمة عليها السلام .
فلو كان غير الثلاثة مرتدين عن الاسلام لما أجاز لهم الامام علي الصلاة على فاطمة عليها السلام.
فكما تلاحظ ان الحديث يدل أن الردة ليس عن الاسلام وإنما عن معرفة حق أمير المؤمنين وولايته.
يقول الشيخ جعفر السبحاني في تعليقة له على مثل هذا الحديث
(( كيف يمكن إنكار إيمان أعلام من الصحابة مع اتّفاق كلمة الشيعة و السنة على علو شأنهم , كأمثال : بلال الحبشي , و حجر بن عدي , و اويس القرني , و مالك بن نويرة المقتول ظلماً على يد خالد بن الوليد , و عباس بن عبدالمطلب و ابنه حبر الأمة و عشرات من أمثالهم , و قد عرفت أسماء المتخلفين عن بيعة أبي بكر في كلام اليعقوبي , أضف إلى ذلك انّ رجال البيت الهاشمي كانوا على خط الإمام و لم يتخلفوا عنه , و إنّما غمدوا سيوفهم اقتداءً بالإمام بمصلحة عالية ذكرها في بعض كلماته .
و أقصى ما يمكن أن يقال في حثّ هذه الروايات هو أنّه ليس المراد من الارتداد الكفر و الضلال و الرجوع إلى الجاهلية , وإنّما المراد عدم الوفاء بالعهد الذي اخذ منهم في غير واحد من المواقف و أهمّها غدير خم ... )) مع الشيعة الإمامية في عقائدهم ص 180
وبعد هذا، نسأل: اذا لم يكن المقصود هو الارتداد عن الاسلام فعن ماذا ارتد الصحابة ؟؟؟؟
اخرج المسلمون سنة وشيعة ان النبي (صلى الله عليه وآله) عندما رجع من حجة الوداع وبعد خروجه من مكة وانصرف راجعاً إلى المدينة ومعه من كان من الجموع -حوالي 120 ألفا-، وصل إلى غدير خُمّ من الجُحْفة التي تتشعّب فيها طرق المدنيِّين والمصريِّين والعراقيِّين وذلك يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجّة نزل إليه جبرئيل الأمين عن اللَّه بقوله : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الآية. وأمرهأن يقيم عليّاً عَلَماً للناس، ويبلِّغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على كلّ أحد، وكأوائل القوم قريباً من الجُحْفة، فأمر رسول اللَّه أن يردّ من تقدّم منهم، ويحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان، ونهى عن سَمُراتٍ خمْسٍ متقاربات دَوْحاتٍ عظام أن لا يَنزل تحتهنَّ أحد، حتى إذا أخذ القوم منازلهم، فقُمَّ ما تحتهنَّ،حتى إذا نودي بالصلاة -اة الظهر - عمد إليهنّ، فصلّى بالناس تحتهنّ، وكان يوماًهاجراً يضع الرجل بعض ردائه على رأسه، وبعضه تحت قدميه، من شدّة الرمضاء،وظُلِّل لرسول اللَّه بثوبٍ على شجرةِ سَمُرةٍ من الشمس، فلمّا انصرف صلى الله عليه وآله وسلم منصلاته، قام خطيباً وسط العلى أقتاب الإبل، وأسمع الجميع، رافعاً عقيرته، فقال:
« ألحمد للَّهِ ونستعينه ونؤمن به، ونتوكّل عليه، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا،ومن سيّئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضلّ، ولا مُضلّ لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأنَّ محمداً عبده ورسوله.
أمّا بعدُ: أيُّها الناس قد نبّأني اللطيف الخبير: أنّه لم يُعمَّر نبيٌّ إلا مثلَ نصفِ عمرالذي قبلَه. وإنّي أُوشِك أن أُدعى فأُجيب، وإنّي مسؤول، وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟
قالوا: نشهدُ أنّك قد بلّغتَ ونصحتَ وجهدتَ، فجزاكَ اللَّه خيراً.
قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا اللَّه، وأنَّ محمداً عبدهُ ورسوله، وأنَّ جنّته حقّ وناره حقّ، وأنَّ الموت حقّ، وأنَّ الساعة آتية لا ريبَ فيها وأنَّ اللَّه يبعثُ من في القبور
قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: أللّهمّ اشهد، ثمّ قال: أيّها الناس ألا تسمعون ؟قالوا: نعم.
قال: فإنّي فَرَط على الحوض، وأنتم واردون عليّ الحوض، وإنَّ عُرضه ما بين صنعاءَ وبُصرى، فيه أقداح عدد النجوم من فضّة، فانظروا كيف تخلِفوني في الثقَلَينِ .
فنادى منادٍ: وما الثقَلان يا رسول اللَّه ؟
قال: الثقَل الأكبر كتاب اللَّه طرفٌ بيد اللَّه عزّ وجلّ وطرفٌ بأيديكم، فتمسّكوابه لا تضلّوا، والآخر الأصغر عترتي، وإنَّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يتفرّقا حتى يردا عليّ الحوض، فسألت ذلك لهما ربّي، فلا تَقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا
ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها حتى رُؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون، فقال: أيّها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ؟ . قالوا: اللَّه ورسوله أعلم .
قال : إنَّ اللَّه مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، يقولها ثلاثَ مرّات - وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة: أربع مرّات - ثمّ قال: أللّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحِبَّ من أحبّه، وأبغِضْ من أبغضه واْنصر من نصره، واخذُلْ من خذله، وأَدرِ الحقَّ معه حيث دار، ألا فليبلّغ الشاهدُ الغائب . ثمّ لم يتفرّقوا حتى نزل أمين وحي اللَّه بقوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُعَلَيْكُمْ نِعْمَتي) الآية. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: اللَّه أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربّ برسالتي، والولاية لعليٍّ من بعدي».
ثمّ طَفِق القوم يهنِّئون أمير المؤمنين -صلوات اللَّه عليه- وممّن هنّأه - في مُقدّمالصحابة - الشيخان: أبو بكر وعمر كلٌّ يقول: بَخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحتَ وأمسيتَ مولايَ ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة. وقال ابن عبّاس: وجبت - واللَّهِ - فيأعناق القوم.
والخوض في اثبات حديث الغدير خارج عن موضوعنا، فمن اراد التوسع فليراجع موسوعة الغدير للعلامة الاميني قدس الله نفسه فقد استقصى روايات حديث الغدير عن 110 صحابيا وجمع مختلف الفاظه ومصادره من كتب السنة، فراجع:
http://www.imamalinet.net/ghadir/d1/index.htm
اذن، فلما اتضح الأمر بأن النبي قد نص على ولاية علي أميرا للمؤمنين أمام 120 الف صحابيا، وأخذ الصحابة الواحد تلو الآخر يأتون عليا مهنئين يسلمون عليه بالامارة، فماذا يسمى انحراف الناس عن بيعة الامام علي واجتماعهم بالسقيفة كل يجر النار الى قرصه غير الارتداد عن البيعة والولاية.
والتاريخ يروي بأن الصحابة انكروا بيعة الامام علي وراحوا يتدافعون لبيعة غيره وما تخلف منهم الا انفارا اجتمعوا في بيت فاطمة وأبوا البيعة حتى اكرهوا.
فهل بقى حجة لمعترض على ارتداد القوم عن الامام علي ؟؟؟؟
ثم ان التاريخ يروي لنا احداثا تقترب بمعانيها من حادثة الغدير وابعاد الناس عن خط النبي وانحرافهم عنه، فقد انحرفوا عندما هربوا جميعا -الا ما رحم ربي- في معركة احد حتى عاتبهم الله (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شئ وسيجزي الله الشاكرين)، وتركوا رسول الله وحيدا في الميدان بعد جرحه وكسر رباعيته لا يسانده الا الكرار، وفر منهم من فر ويروى ان عثمان بن عفان هرب مسافة ثلاث ايام حتى قال النبي له: لعد ذهبت بها عريضة.
وانحرفوا يوم الاحزاب (إاذ جاؤكم من فوقكم ومن اسفل منكم واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا).
ويوم حنين شاهد آخر على انحرافهم (ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغني عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) فانحرف الصحابة مولين ادبارهم للعدو وانهزموا، ولولا لطف الله برسوله وتأييده له بالملائكة لكانت الخاتمة لا يحمد عقباها.
ومن انحرافاتهم قضية صلح الحديبية، حين خالف الصحابة رسول الله، واعترضوا على صلحه للمشكرين، وحتى قام عمر بن الخطاب يعترض عليه ويجادله، وراح يبث الفرقة بين المسلمين ويؤلبهم على عصيان النبي، وقوله (فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالاً) شاهدا على فعلته:
(. . . قَالَ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُمَرُ فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالاً . قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ «قُومُوا فَانْحَرُوا ، ثُمَّ احْلِقُوا» . قَالَ فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِىَ مِنَ النَّاسِ . فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَداً مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَداً مِنْهُمْ ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ . فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ ، قَامُوا فَنَحَرُوا ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضاً ، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضاً غَمًّا ،. . .)/ صحيح البخاري: كتاب الشروط، باب 15
ولا ادري ما هي تلك الاعمال التي عملها عمر حتى جعل الصحابة يمتنعون عن طاعة النبي ؟؟؟؟
وكذا انحرافهم في آخر حياة النبي في رزية الخميس حين أمرهم النبي بأن يأتوه بدواة كي يكتب لهم كتابا لا يضلوا بعده أبدا، فقال فلان كلمته المشهورة: ان النبي يهجر، واختلفوا في حظرة النبي وتصايحوا وتعالت اصواتهم حتى طردهم النبي من حجرته، وبذلك يكونوا قد حرموا انفسهم من عصمة الضلالة وركبوا مراكب الفرقة والاختلاف.
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)
فهل عرفت يا اخي ان انحراف الصحابة وعصيانهم للنبي ليس بالأمر الخرافي بل هو من ثوابت التاريخ، علما بأننا ركزنا على الانحرافات والعصيان الجماعي، ولو تقصينا انحراف كل فرد بعينه لطال بنا المقال.
ثانيا: الرد على شبهة الفشل
تدعي هذه الشبهة ان نظرية انحراف الصحابة تقودنا الى القول بفشل النبي في تربيتهم وكيف وهم خريجو مدرسة محمد . . . . الخ.
نقول:
*) ان مهمة الرسول تقتصر على التبليغ، والرسول ليس ملزما بايمان قومه، والقرآن خير شاهد:
(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ)
(مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)
(رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً)
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)
(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ)
(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ)
وغيرها الكثير من آي الذكر.
فلا ادري لماذا يتغافل اصحاب هذه الشبهة عن تلك الآيات الواضحات، فمتى ألزم الله النبي بايمان قومه ؟؟؟
ثم ان فشل الطالب في تلقيه للعلم لا يدل اطلاقا على فشل المعلم، فمهما كان المعلم جيدا لن يستطيع انجاح الطالب الفاشل، وهذه حقيقة عقلية ملموسة.
ثم اذا كان مقياس نجاح دعوة الانبياء بعدد اتباعهم فكل الانبياء قد فشلوا في دعوتهم، فالقرآن دائما يصف اتباعهم بالقلة، وتعال الى سيدنا نوح لنقرأ ما جاء عنه، يقول الله:
(وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ)
يقول الطبري في تفسيره للآية:
(وكانوا قلـيلاً كما قال الله، وحمل فـيها من كلّ زوجين اثنـين مـما فـيه الروح والشجر ذكر وأنثى، فحمل فـيه بنـيه الثلاثة: سام وحام ويافت ونساءهم، وستة أناس مـمن كان آمن به، فكانوا عشرة نفر: نوح وبنوه وأزواجهم، ثم أدخـل ما أمره به من الدوابّ وتـخـلَّف عنه ابنه يام، وكان كافرا.
واختلفوا فـي عدد الذين كانوا آمنوا معه فحملهم معه فـي الفلك، فقال بعضهم فـي ذلك: كانوا ثمانـية أنفس.
وقال آخرون: بل كانوا سبعة أنفس.
ومنهم من قال ثمانين . . . )/ تفسير الطبري
وفي الكتاب المقدس سبعة انفار،
والمشهور انهم كانوا سبعا، نوح وثلاث من ولده، وزوجاتهم.
واذا تنازلنا وأخذنا محصلة الأعداد يكون عددمن آمن به 26 نفرا.
سبحان الله، 950 عاما من الدعوة لا يؤمن بها الا انفارا !!؟؟!!
فهل نسمي هذا فشلا لدعوة نوح عليه السلام !!!! مالكم كيف تحكمون.
ثم متى كانت الكثرة دليل النجاح والحق، والقلة دليل الفشل، بل من يتفكر في القرآن يجده دائما يثني على القلة المؤمنة الصابرة وينتقد الكثرة الغوغائية. فالمقياس هو النوعية لا الكمية.
(وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
(فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ)
(كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)
(وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ)
(وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ)
(وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ)
(وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ)
والكثير غيره، أفلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها ؟؟؟!!
ثم نقول: هل انفرد الشيعة بهكذا احاديث عن انحراف الصحب وابتعادهم، فتعالوا نقرأ بعضا من احاديث البخاري:
6576 - وَحَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، وَلَيُرْفَعَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِى فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى . فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ » . تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ . وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم./ البخاري كتاب الرقاق/ باب 53
قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَنِى النُّعْمَانُ بْنُ أَبِى عَيَّاشٍ فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ مِنْ سَهْلٍ فَقُلْتُ نَعَمْ . فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ لَسَمِعْتُهُ وَهْوَ يَزِيدُ فِيهَا « فَأَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّى . فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ . فَأَقُولُ سُحْقاً سُحْقاً لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِى » . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سُحْقاً بُعْداً ، يُقَالُ سَحِيقٌ بَعِيدٌ ، وَأَسْحَقَهُ أَبْعَدَهُ.
بل ودلت الاحاديث ان الناجون منهم قليلون جدا:
6587 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمْرَةٌ ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ . فَقُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ . قُلْتُ وَمَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى . ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ . قُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ . قُلْتُ مَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى . فَلاَ أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلاَّ مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ ».
وهمل النعم مقصود به الانعام الشاردة عن القطيع وهي كناية عن القلة، فراجع شروح الحديث.
7049 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، لَيُرْفَعَنَّ إِلَىَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لأُنَاوِلَهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِى فَأَقُولُ أَىْ رَبِّ أَصْحَابِى . يَقُولُ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ». البخاري/ الفتن/ باب 1
4625 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً - ثُمَّ قَالَ - ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ - ثُمَّ قَالَ - أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ ، أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُصَيْحَابِى . فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ . فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ ( وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) فَيُقَالُ إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ ». / البخاري/ كتاب التفسير/ المائدة باب 14
فأي دليل بعد هذا الحديث على ارتدادهم يا ناس ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فتمعنوا بقوله: إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ.
فهل نقول بأن اهل السنة يقولون بارتداد الصحابة الا قليلا منهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ثم اذا نحن قلنا بالارتداد عن الولاية ثم اناب من اناب ، هذه الاحاديث تدل على انهم يساقون الى جهنم فلا توبة مقبولة ولا انابة مشفوعة . فغالبية الصحابة في النار فأين التبشير وأين السبق والرضوان والمغفرة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الا يستحق هذا منا التأمل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
والسلام.
طالب الثار/ . . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ومن الشبهات التي يثيرها بعض الجهلة هذه الشبهة:
الشيعة يقولون انه ارتد الصحابة كلهم بعد النبي الا ثلاثة، ويروون بذلك أحاديث منها:
عن أبي جعفر عليه السلام قال: (كان الناس أهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة، فقلت: من الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود وأبوذر الغفاري وسلمان الفارسي)/ الروضة من الكافي 8 /245-246
ثم يقولون: فهل من المعقول ان يفشل النبي في تربية اصحابه تربية صحيحة وهل من المعقول فشل الرسالة المحمدية وهي آخر الرسالات فلا يؤمن بها الا ثلاث .... الى نهاية تخرصاتهم.
وفي مقام الرد على هذه الشبهة نقول وبالله التوفيق:
أولا: الرد على الحديث
ان هذا الحديث -وبغض الطرف عن سنده الذي فيه تأمل- يتحدث عن الردة لا بالمعنى الاصطلاحي المتعارف بين الناس، وهو الردة عن الإسلام، بل للردة هنا معنى آخر سيتضح من خلال الاحاديث الآتية:
عن الباقر محمد بن علي عليهما السلام «كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه واله ، إلا ثلاثة ، فقلت : ومن الثلاثة ؟ فقال : المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم ثم عرف الناس بعد يسير »/ الكافي: 8 /245
فالمقصود من الردة -كما هو واضح- الردة عن الايمان وليس عن الاسلام.
ويشهد لذلك أيضا قوله عليه السلام ـ في حديث آخر ـ ارتد الناس إلا ثلاثة نفر ، سلمان وأبو ذر والمقداد ، قال: قلت: فعمار ؟ قال : جاض جيضة، ثم رجع ، ثم قال عليه السلام : إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد ، فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض أن عند أمير المؤمنين اسم الله الاعظم لو تكلم به لاخذتهم الارض وهو هكذا فلبب ووجئت عنقه حتى تركت كالسلقة، فمر به أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : يا أبا عبدالله هذا من ذاك فبايع، فبايع، واما ابو ذر فأمره أمير المؤمنين عليه السلام بالسكوت ولم يكن يأخذه في الله لومة لائم فابى إلا أن يتكلم فمر به عثمان فأمر به ، ثم أناب الناس بعد فكان أول من أناب أبو ساسان الانصاري وأبو عمرة وشتيرة ، وكانوا سبعة فلم يكن يعرف حق أمير المؤمنين عليه السلام إلا هؤلاء السبعة / رجال الكشي:11، البحار: 22 /440
وعن أبي جعفر عليه السلام قال : كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وآله سنة إلا ثلاثة فقلت: ومن الثلاثة ؟ فقال : المقداد بن الاسود وأبوذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، ثم عرف الناس بعد يسير ، وقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى وأبوا أن يبايعوا حتى جاؤا بأمير المؤمنين عليه السلام مكرها فبايع ، وذلك قول الله عزوجل : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم" الآية./ البحار: 22/ 351
وعن أبي جعفر عليه السلام عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : ضاقت الارض بسبعة بهم يرزقون ، وبهم ينصرون ، وبهم يمطرون منهم سلمان الفارسي والمقداد وأبوذر وعمار وحذيفة رحمة الله عليهم ، وكان علي عليه السلام يقول: وأنا إمامهم ، وهم الذين صلوا على فاطمة عليها السلام .
فلو كان غير الثلاثة مرتدين عن الاسلام لما أجاز لهم الامام علي الصلاة على فاطمة عليها السلام.
فكما تلاحظ ان الحديث يدل أن الردة ليس عن الاسلام وإنما عن معرفة حق أمير المؤمنين وولايته.
يقول الشيخ جعفر السبحاني في تعليقة له على مثل هذا الحديث
(( كيف يمكن إنكار إيمان أعلام من الصحابة مع اتّفاق كلمة الشيعة و السنة على علو شأنهم , كأمثال : بلال الحبشي , و حجر بن عدي , و اويس القرني , و مالك بن نويرة المقتول ظلماً على يد خالد بن الوليد , و عباس بن عبدالمطلب و ابنه حبر الأمة و عشرات من أمثالهم , و قد عرفت أسماء المتخلفين عن بيعة أبي بكر في كلام اليعقوبي , أضف إلى ذلك انّ رجال البيت الهاشمي كانوا على خط الإمام و لم يتخلفوا عنه , و إنّما غمدوا سيوفهم اقتداءً بالإمام بمصلحة عالية ذكرها في بعض كلماته .
و أقصى ما يمكن أن يقال في حثّ هذه الروايات هو أنّه ليس المراد من الارتداد الكفر و الضلال و الرجوع إلى الجاهلية , وإنّما المراد عدم الوفاء بالعهد الذي اخذ منهم في غير واحد من المواقف و أهمّها غدير خم ... )) مع الشيعة الإمامية في عقائدهم ص 180
وبعد هذا، نسأل: اذا لم يكن المقصود هو الارتداد عن الاسلام فعن ماذا ارتد الصحابة ؟؟؟؟
اخرج المسلمون سنة وشيعة ان النبي (صلى الله عليه وآله) عندما رجع من حجة الوداع وبعد خروجه من مكة وانصرف راجعاً إلى المدينة ومعه من كان من الجموع -حوالي 120 ألفا-، وصل إلى غدير خُمّ من الجُحْفة التي تتشعّب فيها طرق المدنيِّين والمصريِّين والعراقيِّين وذلك يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجّة نزل إليه جبرئيل الأمين عن اللَّه بقوله : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الآية. وأمرهأن يقيم عليّاً عَلَماً للناس، ويبلِّغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على كلّ أحد، وكأوائل القوم قريباً من الجُحْفة، فأمر رسول اللَّه أن يردّ من تقدّم منهم، ويحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان، ونهى عن سَمُراتٍ خمْسٍ متقاربات دَوْحاتٍ عظام أن لا يَنزل تحتهنَّ أحد، حتى إذا أخذ القوم منازلهم، فقُمَّ ما تحتهنَّ،حتى إذا نودي بالصلاة -اة الظهر - عمد إليهنّ، فصلّى بالناس تحتهنّ، وكان يوماًهاجراً يضع الرجل بعض ردائه على رأسه، وبعضه تحت قدميه، من شدّة الرمضاء،وظُلِّل لرسول اللَّه بثوبٍ على شجرةِ سَمُرةٍ من الشمس، فلمّا انصرف صلى الله عليه وآله وسلم منصلاته، قام خطيباً وسط العلى أقتاب الإبل، وأسمع الجميع، رافعاً عقيرته، فقال:
« ألحمد للَّهِ ونستعينه ونؤمن به، ونتوكّل عليه، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا،ومن سيّئات أعمالنا، الذي لا هادي لمن أضلّ، ولا مُضلّ لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأنَّ محمداً عبده ورسوله.
أمّا بعدُ: أيُّها الناس قد نبّأني اللطيف الخبير: أنّه لم يُعمَّر نبيٌّ إلا مثلَ نصفِ عمرالذي قبلَه. وإنّي أُوشِك أن أُدعى فأُجيب، وإنّي مسؤول، وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟
قالوا: نشهدُ أنّك قد بلّغتَ ونصحتَ وجهدتَ، فجزاكَ اللَّه خيراً.
قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا اللَّه، وأنَّ محمداً عبدهُ ورسوله، وأنَّ جنّته حقّ وناره حقّ، وأنَّ الموت حقّ، وأنَّ الساعة آتية لا ريبَ فيها وأنَّ اللَّه يبعثُ من في القبور
قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: أللّهمّ اشهد، ثمّ قال: أيّها الناس ألا تسمعون ؟قالوا: نعم.
قال: فإنّي فَرَط على الحوض، وأنتم واردون عليّ الحوض، وإنَّ عُرضه ما بين صنعاءَ وبُصرى، فيه أقداح عدد النجوم من فضّة، فانظروا كيف تخلِفوني في الثقَلَينِ .
فنادى منادٍ: وما الثقَلان يا رسول اللَّه ؟
قال: الثقَل الأكبر كتاب اللَّه طرفٌ بيد اللَّه عزّ وجلّ وطرفٌ بأيديكم، فتمسّكوابه لا تضلّوا، والآخر الأصغر عترتي، وإنَّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يتفرّقا حتى يردا عليّ الحوض، فسألت ذلك لهما ربّي، فلا تَقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا
ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها حتى رُؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون، فقال: أيّها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ؟ . قالوا: اللَّه ورسوله أعلم .
قال : إنَّ اللَّه مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، يقولها ثلاثَ مرّات - وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة: أربع مرّات - ثمّ قال: أللّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحِبَّ من أحبّه، وأبغِضْ من أبغضه واْنصر من نصره، واخذُلْ من خذله، وأَدرِ الحقَّ معه حيث دار، ألا فليبلّغ الشاهدُ الغائب . ثمّ لم يتفرّقوا حتى نزل أمين وحي اللَّه بقوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُعَلَيْكُمْ نِعْمَتي) الآية. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: اللَّه أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربّ برسالتي، والولاية لعليٍّ من بعدي».
ثمّ طَفِق القوم يهنِّئون أمير المؤمنين -صلوات اللَّه عليه- وممّن هنّأه - في مُقدّمالصحابة - الشيخان: أبو بكر وعمر كلٌّ يقول: بَخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحتَ وأمسيتَ مولايَ ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة. وقال ابن عبّاس: وجبت - واللَّهِ - فيأعناق القوم.
والخوض في اثبات حديث الغدير خارج عن موضوعنا، فمن اراد التوسع فليراجع موسوعة الغدير للعلامة الاميني قدس الله نفسه فقد استقصى روايات حديث الغدير عن 110 صحابيا وجمع مختلف الفاظه ومصادره من كتب السنة، فراجع:
http://www.imamalinet.net/ghadir/d1/index.htm
اذن، فلما اتضح الأمر بأن النبي قد نص على ولاية علي أميرا للمؤمنين أمام 120 الف صحابيا، وأخذ الصحابة الواحد تلو الآخر يأتون عليا مهنئين يسلمون عليه بالامارة، فماذا يسمى انحراف الناس عن بيعة الامام علي واجتماعهم بالسقيفة كل يجر النار الى قرصه غير الارتداد عن البيعة والولاية.
والتاريخ يروي بأن الصحابة انكروا بيعة الامام علي وراحوا يتدافعون لبيعة غيره وما تخلف منهم الا انفارا اجتمعوا في بيت فاطمة وأبوا البيعة حتى اكرهوا.
فهل بقى حجة لمعترض على ارتداد القوم عن الامام علي ؟؟؟؟
ثم ان التاريخ يروي لنا احداثا تقترب بمعانيها من حادثة الغدير وابعاد الناس عن خط النبي وانحرافهم عنه، فقد انحرفوا عندما هربوا جميعا -الا ما رحم ربي- في معركة احد حتى عاتبهم الله (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شئ وسيجزي الله الشاكرين)، وتركوا رسول الله وحيدا في الميدان بعد جرحه وكسر رباعيته لا يسانده الا الكرار، وفر منهم من فر ويروى ان عثمان بن عفان هرب مسافة ثلاث ايام حتى قال النبي له: لعد ذهبت بها عريضة.
وانحرفوا يوم الاحزاب (إاذ جاؤكم من فوقكم ومن اسفل منكم واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا).
ويوم حنين شاهد آخر على انحرافهم (ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغني عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) فانحرف الصحابة مولين ادبارهم للعدو وانهزموا، ولولا لطف الله برسوله وتأييده له بالملائكة لكانت الخاتمة لا يحمد عقباها.
ومن انحرافاتهم قضية صلح الحديبية، حين خالف الصحابة رسول الله، واعترضوا على صلحه للمشكرين، وحتى قام عمر بن الخطاب يعترض عليه ويجادله، وراح يبث الفرقة بين المسلمين ويؤلبهم على عصيان النبي، وقوله (فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالاً) شاهدا على فعلته:
(. . . قَالَ الزُّهْرِىِّ قَالَ عُمَرُ فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالاً . قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ «قُومُوا فَانْحَرُوا ، ثُمَّ احْلِقُوا» . قَالَ فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِىَ مِنَ النَّاسِ . فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَداً مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَداً مِنْهُمْ ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ . فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ ، قَامُوا فَنَحَرُوا ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضاً ، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضاً غَمًّا ،. . .)/ صحيح البخاري: كتاب الشروط، باب 15
ولا ادري ما هي تلك الاعمال التي عملها عمر حتى جعل الصحابة يمتنعون عن طاعة النبي ؟؟؟؟
وكذا انحرافهم في آخر حياة النبي في رزية الخميس حين أمرهم النبي بأن يأتوه بدواة كي يكتب لهم كتابا لا يضلوا بعده أبدا، فقال فلان كلمته المشهورة: ان النبي يهجر، واختلفوا في حظرة النبي وتصايحوا وتعالت اصواتهم حتى طردهم النبي من حجرته، وبذلك يكونوا قد حرموا انفسهم من عصمة الضلالة وركبوا مراكب الفرقة والاختلاف.
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)
فهل عرفت يا اخي ان انحراف الصحابة وعصيانهم للنبي ليس بالأمر الخرافي بل هو من ثوابت التاريخ، علما بأننا ركزنا على الانحرافات والعصيان الجماعي، ولو تقصينا انحراف كل فرد بعينه لطال بنا المقال.
ثانيا: الرد على شبهة الفشل
تدعي هذه الشبهة ان نظرية انحراف الصحابة تقودنا الى القول بفشل النبي في تربيتهم وكيف وهم خريجو مدرسة محمد . . . . الخ.
نقول:
*) ان مهمة الرسول تقتصر على التبليغ، والرسول ليس ملزما بايمان قومه، والقرآن خير شاهد:
(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ)
(مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)
(رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً)
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)
(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلاغُ)
(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ)
وغيرها الكثير من آي الذكر.
فلا ادري لماذا يتغافل اصحاب هذه الشبهة عن تلك الآيات الواضحات، فمتى ألزم الله النبي بايمان قومه ؟؟؟
ثم ان فشل الطالب في تلقيه للعلم لا يدل اطلاقا على فشل المعلم، فمهما كان المعلم جيدا لن يستطيع انجاح الطالب الفاشل، وهذه حقيقة عقلية ملموسة.
ثم اذا كان مقياس نجاح دعوة الانبياء بعدد اتباعهم فكل الانبياء قد فشلوا في دعوتهم، فالقرآن دائما يصف اتباعهم بالقلة، وتعال الى سيدنا نوح لنقرأ ما جاء عنه، يقول الله:
(وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ)
يقول الطبري في تفسيره للآية:
(وكانوا قلـيلاً كما قال الله، وحمل فـيها من كلّ زوجين اثنـين مـما فـيه الروح والشجر ذكر وأنثى، فحمل فـيه بنـيه الثلاثة: سام وحام ويافت ونساءهم، وستة أناس مـمن كان آمن به، فكانوا عشرة نفر: نوح وبنوه وأزواجهم، ثم أدخـل ما أمره به من الدوابّ وتـخـلَّف عنه ابنه يام، وكان كافرا.
واختلفوا فـي عدد الذين كانوا آمنوا معه فحملهم معه فـي الفلك، فقال بعضهم فـي ذلك: كانوا ثمانـية أنفس.
وقال آخرون: بل كانوا سبعة أنفس.
ومنهم من قال ثمانين . . . )/ تفسير الطبري
وفي الكتاب المقدس سبعة انفار،
والمشهور انهم كانوا سبعا، نوح وثلاث من ولده، وزوجاتهم.
واذا تنازلنا وأخذنا محصلة الأعداد يكون عددمن آمن به 26 نفرا.
سبحان الله، 950 عاما من الدعوة لا يؤمن بها الا انفارا !!؟؟!!
فهل نسمي هذا فشلا لدعوة نوح عليه السلام !!!! مالكم كيف تحكمون.
ثم متى كانت الكثرة دليل النجاح والحق، والقلة دليل الفشل، بل من يتفكر في القرآن يجده دائما يثني على القلة المؤمنة الصابرة وينتقد الكثرة الغوغائية. فالمقياس هو النوعية لا الكمية.
(وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
(فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ)
(كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)
(وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ)
(وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ)
(وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ)
(وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ)
والكثير غيره، أفلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها ؟؟؟!!
ثم نقول: هل انفرد الشيعة بهكذا احاديث عن انحراف الصحب وابتعادهم، فتعالوا نقرأ بعضا من احاديث البخاري:
6576 - وَحَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، وَلَيُرْفَعَنَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِى فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى . فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ » . تَابَعَهُ عَاصِمٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ . وَقَالَ حُصَيْنٌ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم./ البخاري كتاب الرقاق/ باب 53
قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَنِى النُّعْمَانُ بْنُ أَبِى عَيَّاشٍ فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ مِنْ سَهْلٍ فَقُلْتُ نَعَمْ . فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ لَسَمِعْتُهُ وَهْوَ يَزِيدُ فِيهَا « فَأَقُولُ إِنَّهُمْ مِنِّى . فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ . فَأَقُولُ سُحْقاً سُحْقاً لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِى » . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سُحْقاً بُعْداً ، يُقَالُ سَحِيقٌ بَعِيدٌ ، وَأَسْحَقَهُ أَبْعَدَهُ.
بل ودلت الاحاديث ان الناجون منهم قليلون جدا:
6587 - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمْرَةٌ ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ . فَقُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ . قُلْتُ وَمَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى . ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِى وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ . قُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ . قُلْتُ مَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَى . فَلاَ أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلاَّ مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ ».
وهمل النعم مقصود به الانعام الشاردة عن القطيع وهي كناية عن القلة، فراجع شروح الحديث.
7049 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، لَيُرْفَعَنَّ إِلَىَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لأُنَاوِلَهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِى فَأَقُولُ أَىْ رَبِّ أَصْحَابِى . يَقُولُ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ». البخاري/ الفتن/ باب 1
4625 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً - ثُمَّ قَالَ - ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ - ثُمَّ قَالَ - أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ ، أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ ، فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُصَيْحَابِى . فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ . فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ ( وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) فَيُقَالُ إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ ». / البخاري/ كتاب التفسير/ المائدة باب 14
فأي دليل بعد هذا الحديث على ارتدادهم يا ناس ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فتمعنوا بقوله: إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ.
فهل نقول بأن اهل السنة يقولون بارتداد الصحابة الا قليلا منهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ثم اذا نحن قلنا بالارتداد عن الولاية ثم اناب من اناب ، هذه الاحاديث تدل على انهم يساقون الى جهنم فلا توبة مقبولة ولا انابة مشفوعة . فغالبية الصحابة في النار فأين التبشير وأين السبق والرضوان والمغفرة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الا يستحق هذا منا التأمل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
والسلام.
طالب الثار/ . . .
تعليق